منتضر الزيدي حينا يرمي الحذاء نحو بوش
أعادت فردتا حذاء الصحافي العراقي منتظر الزيدي، التي وجهها إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش، إلى الذاكرة أهم الأحداث السياسية التي كانت الأحذية طرفا فيها، وباستعادة سريعة لتاريخ الأحذية سوف نجد أن حذاء سندريلا هو الأشهر على الإطلاق رغم بعده الأسطوري، ولكن على أرض الواقع فإن حذاء خروتشوف هو أشهر حذاء في التاريخ الحديث، عندما نزعه رئيس الوزراء السوفييتي أثناء حضوره دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1960 وضرب به على الطاولة، لكي يلفت انتباه الحضور، فكانت النتيجة أن ساد القاعة هرج ومرج. أما رئيس الوزراء البريطاني هارولد ماكميلان فقد اعتذر لأنه لا يفهم اللغة الروسية، وقال «أرجو ترجمة ما قاله رئيس الوزراء السوفييتي».
أما أحذية أميلدا ماركوس، قرينة الرئيس الفلبيني الأسبق، والتي بلغت ثلاثة آلاف زوج من الأحذية، فقد تحولت إلى سلاح ضد الرئيس الأسبق وتسببت في إسقاطه. وفي تاريخنا العربي المعاصر فإن الثورة المصرية بدأت أعمالها عام 1952 بضرب السنهوري باشا في دار القضاء بـ «الجزمة».
و للعراق مع الأحذية قصص كثيرة، ولكن لكل حذاء من هذه الأحذية تاريخه الخاص. فحذاء الطنبوري - الذي عاش في بغداد في العصر العباسي - تستشهد به كتب التراث دلالة على الشيء المشؤوم، حيث يروى أنه كلما انقطع منه موضع قام بترقيعه بجلد أو قماش، حتى امتلأ حذاؤه بالرقع واشتهر بين الناس، و شكل الحذاء مصدرا للمتاعب والشؤم لأبي القاسم الطنبوري حتى بعد محاولاته الحثيثة للتخلص منه، بعد أن أفقره الحذاء ودمر حياته.
أما حذاء الصحافي منتظر الزيدي، فأصبح دلالة على الرفض الشعبي العراقي للتدخل الأمريكي السافر في العراق. وإذا كانت العمليات العسكرية ضد قوات الاحتلال قد عجزت عن تحقيق موقف لافت فإن الحذاء استطاع تحقيق ذلك ولو جاء هذا الموقف معنويا وإعلاميا فقط.
ولكن تاريخ العراق الحديث مع الأحذية لم يبدأ بحذاء الزيدي بل قبل ذلك بكثير، حيث سبقه حذاء أبو تحسين، الذي ظهر في القنوات الفضائية وهو يضرب صورة صدام حسين بعد احتلال القوات الأمريكية لبغداد صارخا «ماذا فعل هذا بالعراق.. هذا قتل أولادنا .. قتل شبابنا.. يا ناس هذا الذي دمر العراق».
ولكن المواطن العراقي «أبو تحسين» اشتهر بعد ذلك حين رفض بيع أشهر حذاء ظهر في القنوات الفضائية العربية والأجنبية. قائلا إن هذا الحذاء رمز لموقف جميع العراقيين من الطاغية المخلوع وإنه يرغب في عرضه بالمتحف العراقي.
ولكن علاقة السياسة بالأحذية لا تنتهي عند هذا الحد، ففي بحث جميل للكاتب أحمد زين - نشره موقع عشرينيات - نجد أن كثيرا من سياسيي أمريكا اللاتينية ماسحو أحذية!. فتوليدو رئيس «بيرو» المولود عام 1946 ، عمل فترة من حياته كماسح أحذية للمساعدة في الإنفاق على أشقائه الـ 16، وربما كانت الأحذية هي التي سهلت طريقه لقصر الرئاسة، فقد لفت إتقانه للعمل أنظار زوجين أمريكيين يعملان في حركة السلام فساعداه على نيل منحة دراسية بجامعة سان فرانسيسكو ثم جامعة هارفارد ونال الدكتوراه بستانفورد، وعمل بالبنك الدولي، ثم زعيما للحركة التي أجبرت فوجيموري رئيس بيرو السابق على الاستقالة.
وليست كولومبيا بعيدة عن بيرو، فماسح الأحذية الكولومبي لويس إدوارد وبعد 20 عاما من جلوسه عند الأقدام ينظف الأحذية ويلمعها، نهض ليمثل زبائنه في الانتخابات البلدية لمدينة «بوجوتا» التي أجريت في يناير 2001، واللافت للنظر أن إدوارد دخل هذه الانتخابات مع سياسيين مخضرمين في بوجوتا، ومع ذلك اختاره الناخبون ليكون أحد 42 عضوا في بلدية بوجوتا التي يقطنها سبعة ملايين نسمة.
أما في البرازيل فقد ظل لولا دي سيلفا الرئيس البرازيلي الذي عمل في صباه ماسحا للأحذية يشارك في الانتخابات خمس مرات إلى أن فاز في انتخابات 2002. عمل لولا عدة مهن متواضعة في صباه لتعويض تخلي الأب عن الأسرة المكونة من 24 فردا، وهذه المهن كونت لديه خبرة هائلة بالعالم البرازيلي الفقير، وفي أوائل عشرينياته دخل لولا العمل النقابي ومنه دلف إلى عالم السياسة.
ويختتم أحمد زين بحثه عن الأحذية بطرفة من باكستان عن سرقة الأحذية، فهذه الظاهرة دائما ما تطال كبار رجال الدولة، فقد كان العميد جاويد عثمان، المدير العام لجهاز الاستخبارات الداخلية الباكستاني، يحضر احتفالا دينيا أقامه المسلمون في لاهور عندما سرق حذاؤه، وقد بذل رجال المخابرات جهودا مكثفة للعثور على حذاء رئيسهم المسروق دون جدوى!.
وأخيرا فان أول المتضررين من حذاء الزيدي هو الإعلاميون حيث جاءت أولى ردات الأفعال عبارة عن رسالة جوال تقول «إن الإعلاميين بعد هذه الحادثة سوف يمنعون من حضور المؤتمرات بأحذيتهم»
أعادت فردتا حذاء الصحافي العراقي منتظر الزيدي، التي وجهها إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش، إلى الذاكرة أهم الأحداث السياسية التي كانت الأحذية طرفا فيها، وباستعادة سريعة لتاريخ الأحذية سوف نجد أن حذاء سندريلا هو الأشهر على الإطلاق رغم بعده الأسطوري، ولكن على أرض الواقع فإن حذاء خروتشوف هو أشهر حذاء في التاريخ الحديث، عندما نزعه رئيس الوزراء السوفييتي أثناء حضوره دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1960 وضرب به على الطاولة، لكي يلفت انتباه الحضور، فكانت النتيجة أن ساد القاعة هرج ومرج. أما رئيس الوزراء البريطاني هارولد ماكميلان فقد اعتذر لأنه لا يفهم اللغة الروسية، وقال «أرجو ترجمة ما قاله رئيس الوزراء السوفييتي».
أما أحذية أميلدا ماركوس، قرينة الرئيس الفلبيني الأسبق، والتي بلغت ثلاثة آلاف زوج من الأحذية، فقد تحولت إلى سلاح ضد الرئيس الأسبق وتسببت في إسقاطه. وفي تاريخنا العربي المعاصر فإن الثورة المصرية بدأت أعمالها عام 1952 بضرب السنهوري باشا في دار القضاء بـ «الجزمة».
و للعراق مع الأحذية قصص كثيرة، ولكن لكل حذاء من هذه الأحذية تاريخه الخاص. فحذاء الطنبوري - الذي عاش في بغداد في العصر العباسي - تستشهد به كتب التراث دلالة على الشيء المشؤوم، حيث يروى أنه كلما انقطع منه موضع قام بترقيعه بجلد أو قماش، حتى امتلأ حذاؤه بالرقع واشتهر بين الناس، و شكل الحذاء مصدرا للمتاعب والشؤم لأبي القاسم الطنبوري حتى بعد محاولاته الحثيثة للتخلص منه، بعد أن أفقره الحذاء ودمر حياته.
أما حذاء الصحافي منتظر الزيدي، فأصبح دلالة على الرفض الشعبي العراقي للتدخل الأمريكي السافر في العراق. وإذا كانت العمليات العسكرية ضد قوات الاحتلال قد عجزت عن تحقيق موقف لافت فإن الحذاء استطاع تحقيق ذلك ولو جاء هذا الموقف معنويا وإعلاميا فقط.
ولكن تاريخ العراق الحديث مع الأحذية لم يبدأ بحذاء الزيدي بل قبل ذلك بكثير، حيث سبقه حذاء أبو تحسين، الذي ظهر في القنوات الفضائية وهو يضرب صورة صدام حسين بعد احتلال القوات الأمريكية لبغداد صارخا «ماذا فعل هذا بالعراق.. هذا قتل أولادنا .. قتل شبابنا.. يا ناس هذا الذي دمر العراق».
ولكن المواطن العراقي «أبو تحسين» اشتهر بعد ذلك حين رفض بيع أشهر حذاء ظهر في القنوات الفضائية العربية والأجنبية. قائلا إن هذا الحذاء رمز لموقف جميع العراقيين من الطاغية المخلوع وإنه يرغب في عرضه بالمتحف العراقي.
ولكن علاقة السياسة بالأحذية لا تنتهي عند هذا الحد، ففي بحث جميل للكاتب أحمد زين - نشره موقع عشرينيات - نجد أن كثيرا من سياسيي أمريكا اللاتينية ماسحو أحذية!. فتوليدو رئيس «بيرو» المولود عام 1946 ، عمل فترة من حياته كماسح أحذية للمساعدة في الإنفاق على أشقائه الـ 16، وربما كانت الأحذية هي التي سهلت طريقه لقصر الرئاسة، فقد لفت إتقانه للعمل أنظار زوجين أمريكيين يعملان في حركة السلام فساعداه على نيل منحة دراسية بجامعة سان فرانسيسكو ثم جامعة هارفارد ونال الدكتوراه بستانفورد، وعمل بالبنك الدولي، ثم زعيما للحركة التي أجبرت فوجيموري رئيس بيرو السابق على الاستقالة.
وليست كولومبيا بعيدة عن بيرو، فماسح الأحذية الكولومبي لويس إدوارد وبعد 20 عاما من جلوسه عند الأقدام ينظف الأحذية ويلمعها، نهض ليمثل زبائنه في الانتخابات البلدية لمدينة «بوجوتا» التي أجريت في يناير 2001، واللافت للنظر أن إدوارد دخل هذه الانتخابات مع سياسيين مخضرمين في بوجوتا، ومع ذلك اختاره الناخبون ليكون أحد 42 عضوا في بلدية بوجوتا التي يقطنها سبعة ملايين نسمة.
أما في البرازيل فقد ظل لولا دي سيلفا الرئيس البرازيلي الذي عمل في صباه ماسحا للأحذية يشارك في الانتخابات خمس مرات إلى أن فاز في انتخابات 2002. عمل لولا عدة مهن متواضعة في صباه لتعويض تخلي الأب عن الأسرة المكونة من 24 فردا، وهذه المهن كونت لديه خبرة هائلة بالعالم البرازيلي الفقير، وفي أوائل عشرينياته دخل لولا العمل النقابي ومنه دلف إلى عالم السياسة.
ويختتم أحمد زين بحثه عن الأحذية بطرفة من باكستان عن سرقة الأحذية، فهذه الظاهرة دائما ما تطال كبار رجال الدولة، فقد كان العميد جاويد عثمان، المدير العام لجهاز الاستخبارات الداخلية الباكستاني، يحضر احتفالا دينيا أقامه المسلمون في لاهور عندما سرق حذاؤه، وقد بذل رجال المخابرات جهودا مكثفة للعثور على حذاء رئيسهم المسروق دون جدوى!.
وأخيرا فان أول المتضررين من حذاء الزيدي هو الإعلاميون حيث جاءت أولى ردات الأفعال عبارة عن رسالة جوال تقول «إن الإعلاميين بعد هذه الحادثة سوف يمنعون من حضور المؤتمرات بأحذيتهم»