كتب فضيلة الوالد الدكتور عبد المعطي الدالاتي حفظه الله موضوع
" التعليقات في رواء بين الجفاء والإطراء "
http://www.ruowaa.com/vb3/showthread.php?t=2410
أثار به قلمي من خلال تفاعل الأحباب من إخواننا معه..فكتبت هذه الكلمة العجلى...والله المستعان..
[align=center]
الحمد لله وحده...
ماذا يريد الشيطان من العبد غير صرفه عن قبلة النور، ومنهج الحق..صرفا لا رجعة منه ولا إياب؟!
فإذا لم يجد منه أملا أسكته بغيره..وجعله ملازما لصمته..عاثرا في قول الحق..نشيطا في سكوته عن بيان الهدى..فيُضعف بصمته قوة الحق..
وهذه من العقبات التي نص عليها أئمتنا في كتبهم حتى يحذر المسلم كيد الشيطان..
والشيطان يقترب من ناصية القلب..يتشمم أفكاره..ويتدسس من مواطن الضعف إلى إيمانه فيوبقه بالفتور اللازم..والكسل المتثائب...والظنون المظلمة!
وقوافل الناس في هذه الحياة مليئة بجند إبليس الذين يحدون الناس إلى مراتع السخط ، ويصرفونهم عن مغاني الخير والإيمان..
ومن ذلك إساءة الظن بالآخرين..!
وإذا أردت أن أعري سن قلمي كاشفا عما يريد قلت:
إننا في هذا المنتدى المبارك ليس بيننا غير أقلامنا..تحوطها الأفئدة بالحب..وترعاها النفوس بالحنان..( وهذا هو الظن بكل مسلم) وكل إنسان منا ستارٌ منسدلٌ على نفسه..لا يرى الآخرون منه غير بعض الأضواء الخافتة التي ينثرها عبر أنبوب قلمه...فلا ينبغي أن نُطِلَّ بأعيننا إلى ما وراء هذا الستار إلا ونحن نرقب الله في أفعالنا وأقوالنا...نافضين عن أنفسنا غبار الظنون المردية..والشكوك الآثمة..!
فمن أدى منا نصيحة إلى غيره..أو لفت نظره إلى قصور أو تقصير..كان لزاما عليه أن يؤديه في رفق..بلا صخب أو ضجيج..!
دون أن ينظر الآخرُ إلى توجيهه ذلك..أو نصيحته تلك نظرة الريبة والتطاول...
والناس منذ بَرَأَهُم الله طبقاتٌ في العلم والفهم والإيمان..وأمتنا نسيج واحد مترابط متفرد بمنهجه وهَدْيِهِ الذي أنزله الله –تبارك وتعالى – في كتابه على معلم الخير صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم..
والأقلام كالأجساد والأرواح..يصيبها الكسل والفتور..فلا تخرج كلماتها إلا متثاقلةً ملساء لا تحس فيها وهجا أو أثارة من حياة..
وفي بعض الأحيان تنطلق مرحة نشيطة فوارة تعلق على هذا ..وتنتقد ذاك بما فُتِحَ عليها في ذلك الوقت...
فلم يكن صمتها تجاهلًا..ولم يكن كلامها مجاملةً لهذا القلم أو ذاك..
وأقول عن نفسي -يشهد الله-: إنني في بعض الأحيان أرغم نفسي على قراءة بعض المشاركات قياما بحق الأمانة التي ألزمنيها إخوة لي أحسنوا الظن في أخ لهم ضعيف البيان..لا يملك من العلم والعمل شيئا..
فألحظ هاهنا خطأ علميا..أو منهجيا..فأسطر كلماتي محفوفة بالثناء والدعاء إظهار لسلامة القصد وصفاء السريرة..لأن القلم ناطق صموت...! أي أنه لا يعبر ( كل ) التعبير عن نية الإنسان..فكان لزاما أن أستعين ببعض المحسنات( الإيمانية) حتى لا يظنَّ ظانٌّ أني أتباهى بما ليس فِيَّ أو مني..!
فلماذا نُفسح للشيطان فيما بيننا؟! ولماذا ندعوه بِخَيْلِهِ وَرَجْلِهِ إلى محرابنا؟!
والسؤال الذي ينبغي أن يطرق قلب كل منا طَرْقًا متتابعا لا ينتهي: ما الذي تريده بالمشاركة في هذا المنتدى؟! وما الذي قصدتَهُ من كلماتك؟! ثم كيف صُغْتَ هذا القصد؟! فبعض إخواننا يصوغ اعتراضه غاضبًا- أكاد أُحِسُّ حرارته وَوَخْزَهُ في آنية حروفه-عاريا عن الرفق..وقد صدق في نصحه..لكنه أخطأ في منهجه..!
فليست القضية في سلامة القصد فقط..ولكنها في حسن الأداء...وإلا فلمَ عاتب النبي صلى الله عليه وسلم حاطبا رضي الله عنه؟! أشَكًّا في إيمانه؟! أستغفر الله..بل بيانا لإساءة تصرفه رضي الله عنه مع التسليم بحسن قصده..وصدق إيمانه( لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)..فليس منا من أساء الظن..أو أحسن الظن وأساء التوجيه...
أتى بعض الناس إلى شيخ الإسلام محمد بن سيرين رحمه الله قائلا: رأيت في نومي أن أسناني قد سقطت..فغدوت إلى فلان ليفسر لي رؤياي، فأخبرني أن كل أهلي سيموتون..
فقال له محمد بن سيرين رحمه الله: بل يبارك الله لك في عمرك فتكون آخر أهلك موتا..!
لم تتغير الحقيقة..ولكن الصياغة اختلفت...فالأول قذف بها في وجهه عارية لا تلوي على شيء..فأصابت الرجل بالحزن والهلع..
والإمام الرباني محمد بن سيرين أتى بها محفوفة بالرجاء والبشرى..فتطامنت نفس الرجل وسكنت..!
وكذلك من كان مادحا فليرفق بأخيه..حتى لا يتدلى رأسه مذبوحا بسكين ثنائه..!
الكلام طويل..والقلم كسول...ولكنه جهد المقل ..كتبته ناصحا نفسي أولا وإخواني: أن أحسنوا الظن..ورفقا بالمخالف...( فما علمتُ إلا أنه يحب الله ورسوله)..!
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم..
والحمد لله وحده
أخوكم